الأربعاء، 12 أبريل 2017

الطاهر مكي.. موسوعة متحركة في حب التراث والأندلسيات والعربية.... سارة سعد.


موسوعة متنوعة تحتاج إلى دراسات.. استطاع أن يجمع بين العديد من العلوم الإنسانية، قلما تتوفر إلا فى د. الطاهر مكى باحث الاندلسيات وعاشق التراث العربي، الذي رحل عن عالمنا، تاركًا وراءه العديد من المؤلفات والمجلدات، في الأدب والنقد واللغة والفلسفة والتاريخ والتراث وغيرها. واستطاع عبر التحاقه بكلية دار العلوم أن تكون بدايته لينهل من كل فروع المعرفة ويتقنها، متشبعًا بحفظ القرآن وعلوم اللغة والشعر من خلال تعلمه بالمعهد الأزهري، ومواظبته على حضور المحاضرات بالجامعة الأمريكية للاستماع إلى كبار المثقفين والمستشرقين في قاعة «إيوارت»، التي استمع للمرة الأولى فيها إلى أديب الأدب العربي طه حسين.

ولم تمنعه نشأته الأزهرية من الانخراط في العالم اليساري، الذي دفعه للقراءة والتثقيف حتى صار رئيس تحرير أول مجلة نقد يسارية في السبعينيات، عندما ترأس تحرير مجلة أدب ونقد..

في الخمسينيات من القرن الماضي أراد الأديب المصري الحائز على جائزة الدولة التقديرية عام 1992، السفر لإسبانيا حيث نهل من الثقافة الجديدة، واطلع على الفكر الأوروبي القديم والحديث، والمناهج الغربية، وصار من أهم الكتاب في الأدب الأندلسي، وحصل على دكتوراه الدولة في الأدب والفلسفة بتقدير ممتاز من كلية الآداب، الجامعة المركزية بمدريد بإسبانيا عام 1961.

وأخذ «الطاهر مكي»محاربة تفشي اللغة الفرنسية في المغرب العربي على عاتقه، حيث بدأ في الجزائر بتكليف من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وكان من بعثة أساتذة الجامعات، ونجحوا في أن تكون دراسة اللغة والأدب والشريعة والأدب المقارن باللغة العربية في جامعة الجزائر، وقدم لهم الأثر العربي في الحضارة الغربية

البداية والميلاد

في صعيد مصر وتحديدا بمحافـظة قنا، ولد الطاهر أحمد مكي لعائلة تنتمي إلى قبائل عرب المطاعنة في قرية كيمان المطاعنة التابعة لمركز إسنا في 7 أبريل 1924، والتحق بالتعليم الأزهري فحصل على الابتدائية من المعهد الديني بقنا، ثم انتقل في المرحلة الثانوية إلى القاهرة في الأربعينيات من القرن العشرين، ثم تخرج مكي في كلية دار العلوم بالقاهرة عام 1952.

قضى «مكي «معظم سنوات حياته في عشق التدريس فعمل مدرسًا، فأستاذًا مساعدًا، فأستاذًا، فرئيسًا لقسم الدراسات الأدبية، فوكيلاً لكلية دار العلوم للدراسات العليا والبحوث حتى عام 1989، وقد شغل عدة وظائف في قطاعات التعليم العام والجامعي والدراسات العليا، حتى عمل أستاذًا متفرغًا بكلية دار العلوم.

من أشهر مؤلفاته: «امرؤ القيس»، و»بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال»، والأدب الأندلسي من منظور إسباني» و»الأدب المقارن أصوله وتطوره ومناهجه» و»مقدمة في الأدب الإسلامي المقارن» و»أصداء عربية وإسلامية في الفكر الأوروبي الوسيط» و»الشعر الأندلسي في عصر الطوائف والتربية الإسلامية في الأندلس» و»طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي».

شهادات وسرادق عزاء

وعقب وفاته تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق للعزاء من كافة أطياف المجتمعات العربية والإسبانية،ونعاه كل المثقفين فى المنطقة بالعديد من كلمات الرثاء والمواقف.

قال الكاتب وديع فلسطين في شهادته بكتاب تكريمي صدر بمناسبة بلوغ الطاهر مكي التسعين من عمره، باعتباره حدثًا ثقافيًا رفيعًا، «صحيح أنني لم أتتلمذ على الدكتور الطاهر أحمد مكي، بمعنى الجلوس منه مجلس التلميذ في الفصل، ولكن الطاهر بسلوكه، وشخصيته جعلني مجرد واحد من طلابه المعجبين بأدبه، وعلمه، وخلقه.. وفي اعتقادي؛ أن الطاهر لم يظفر بما يستحق من التقدير الأدبي والمادي، وهو ما تنبَّه إليه عبدالمقصود خوجة راعي الإثنينية في جدة، حيث قام بتكريم الدكتور مكي في مهرجان كبير، شهده المئات من المدعوين.

أما الناقد محمد عبدالمطلب فقال عنه: «من يقرأ تحقيقات الدكتور الطاهر يدرك على الفور أنه واحد من أعلام المحققين الكبار الذين قدموا لنا التراث تقديمًا علميًا موثقًا، وأشرف بأن كثيرًا من إنجازاتي، ودراساتي في الأدب، واللغة، والثقافة، والبلاغة، كانت محتكمة إلى كثير من توجيهاته، وربما كانت أهم هذه التوجيهات احترام التراث.


المصدر: http://www.al-madina.com/article/518515

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك