الثلاثاء، 13 مايو 2014

صفحات من تجربة الدكتور الطاهر أحمد مكي.


المصدر: جريدة الصباح.
حوار/ أبو الحسن الجمّال
             إن الحديث مع الطاهر أحمد مكي حديث من القلب، رجل أخلص للبحث العلمي منذ أن وعى وحتى كتابة هذه السطور، لا يكل و لا يمل، فهو واحدٌ من الدرعمين الذين أثروا حياتنا بالعديد من الأعمال الجليلة التى مازالت تؤثر فى حياتنا الأدبية، بقيمتها وعظمتها وروعة إبداعها.
 ولد الطاهر أحمد مكي بمدينة إسنا بمحافظة قنا فى السابع من أبريل 1924م، تخرج في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة مع مرتبة الشرف 1952م ، ثم حصل على الدكتوراه بامتياز فى الآداب والفلسفة بتقدير ممتاز من كلية الآداب بمدريد 1961م، فهو من الرعيل الأول الذين درسوا الأدب الأندلسي فى عقر داره، منهم: محمود على مكي، وأحمد هيكل، وغيرهم..
 عمل مدرساً، فأستاذاً مساعداً، فأستاذاً، فرئيسا لقسم الدراسات الأدبية، فوكيلاًً للكلية للدراسات العليا والبحوث في كلية دار العلوم ..
 أثرى المكتبة العربية بالعديد من الأعمال القيمة وتنوعت من التأليف والترجمة والإبداع والترجمة فى كل العصور الأدبية القديمة والحديثة، الشعر والنقد والقصة والرواية  من أشهرها: “امرؤ القيس حياته وشعره”، و”دراسات فى مصادر الأدب”، و”دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة”، و”ملحمة السيد”، و”القصة القصيرة: دراسات ومختارات”، و”الشعر العربي المعاصر، روائعه ومدخل لقراءته”، كما ترجم عن الفرنسية “الحضارة العربية فى أسبانيا “للمستشرق ليفي بروفنسال، وعن الأسبانية أعمال كبار المستشرقين من أمثال: “غومث”، و”ريبرا” من أشهرها: “مع شعراء الأندلس والمتنبي”، لغرسيه غومث، “التربية الإسلامية فى الأندلس لـ”خوليان ريبيرا” كما أنه عضو فى العديد من الهيئات منها: مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضو مجلس إدارة دار الكتب المصرية وغيرها ..
 وكان الهروع إليه فى دوحته بين كتبه وأبحاثه، يستنشق عبير الذكريات ويستقبل أصدقائه وأبنائه الدارسين، يجيب عليهم في تواضع جم، وتحدثنا معه عن مشكلات الأدب والأدباء اليوم وعن ذكرياته الأندلسية وعلاقته بالمستشرقين وعن تحقيق التراث العربي وهمومه.
لماذا غابت القدوة الأدبية اليوم عما ذي قبل؟
- تراجعت فى مصر أشياءً كثيرة ومنها الأدب والإنسان ثمرة التكوين والتربية والمناخ  والعظام الذين سبقوا الثورة ، ونقتدي بهم ونراهم، تكونوا على ثقافة حقيقية فى مناخ ديمقراطي أو بمعنى (الأدب لم يكن مؤمما) وإذا أردنا أن ننهض ونستعيد مكانتنا فيجب عمل الأتي:
1)    ثقافة حقيقية يتربى عليها الأديب.
2)    طموحات عظمى يحلم بها الأديب.
3)    مناخ ديمقراطي يسمح له بأن يعبر عن هذه الطموحات الكبرى فيجيء تعبيره
يمثل الطموح الذى يصبو إليه ..
 وفى غياب الأصيل، تسود البضاعة الفاسدة عند غيبة البضاعة الجيدة ولكي تظهر شخصية أدبية عظيمة لابد أن تتغذى غذاءً جيداً، فالغذاء ملوثاً ويأتي الناتج ملوثاً، وهناك هيئات كثيرة تشجع هذا التلوث، لا تريد فكراً قوياً، وإنما تريد أنصاف المثقفين الذين يشترون بمبالغ زهيدة لا تكلف كثيراً..
  ومن مظاهر الديمقراطية التى نفتقدها حرية تكوين الأحزاب، كما أن الجمعيات الأهلية تعانى من التضييق ومن الرقابة وقبل ذلك كله وبعد لا يمكن أن تنهض فى ظل الأحكام العرفية ونحن منذ عام 1981م نعيش الأحكام العرفية ..
لماذا انحدر تحقيق التراث على هذه الحالة المزرية؟
يتوازى مع النهضة العملية والأدبية ، بعث التراث القديم، وقد أفرزت مصر مدرسة تحقيق قديماً، عدداً لا بأس به من الأساتذة: مصريون وعرب تربوا فى مصر، ولكن أصابها ما أصاب قواعد التحقيق وقد ودعنا منذ عشر سنوات آخر الجنود العظماء وهو الدكتور محمود محمد الطناحى.
وماذا أسديت لهذا التراث العظيم؟
- مشكلتي أنني موزع الاهتمام، وأن التدريس بالجامعة يفرض على فرضاً اتجاهات معينة، ولكنني لم استطع أن أتوقف عن كتابين عظيمين، وهما: “طوق الحمامة في الألفة والآلاف” و”الأخلاق والسير في مداوة النفوس” وكلاهما لابن حزم الأندلسي وبين يدي كتابين آخرين “تحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس” لابن هُذيل، و”الوافي في علم القوافي” لأبى البقاء الرُندى – وهذا أول كتاب له بعد المرثية الشعرية العظيمة له التي قدمها الأستاذ محمد عبدالله عنان.
هناك في حياة د. الطاهر لحظة عظيمة وهى الأندلس، كيف كانت؟ وكيف تمثل فى حياتك؟
- كانت الأندلس والذهاب إليها نقطة التحول العملي، وقبل الوصول إليها كنت أحلم وأطمح، وبعد الوصول إليها أعطتني وسائل (آليات) تحقيق الطموحات والأحلام فهي تمثل محطة فاصلة فى تاريخ حياتي، رأيت عالماً جديداً، فشغلت بمعرفة الأسباب التي جعلته يصل إلى هذا الرقى والتي تمنيتها لوطني، واحترام الإنسان هناك شيئاً أساسياً مع أن احترام الإنسان  فى الأصل مبدأ إسلامي: (ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم فى البر والبحر) ولكن وجدت احترام الإنسان واقعاً موجوداً هناك مما هو موجود فى بلادنا ، هذا الانفتاح غذى ما عندي، وطعمه بزاد ما كان يمكن أن يتوفر لي لو لم أذهب إلى “أسبانيا”..
ما حقيقة ما يشاع هناك من تعصب وكره للعرب وضد اعتبار الفترة الإسلامية كجزء من التاريخ الأسباني؟ ..
-  التعصب محصور داخل الكنيسة فقط ، أما الرجل الأسباني العادي إذا لم يكن عميلاً للكنيسة ، فلا يعرف هذا التعصب .
ولكن ثمة شك فى أن هناك فترات أخرى عرفت فيها أسبانيا حرية واسعة كالعصر الجمهوري (1933 -1937) ولكن سقوط العصر الجمهوري وانتشار الفاشية كلف أسبانيا ثمناً غالياً فقتل عشرات الأدباء والمفكرين مثل “لوركا ” ، وهجر ألاف منهم إلى أمريكا اللاتينية وأحدثوا ثورة مثل:”ليون فيليب”، و”روفائيل ألبرتى”، و”خوان رامون خمينيث”، وغيرهم ..
ما هي علاقتك بالمستشرقين فى الماضي والحاضر؟
- المستشرقون لا يكتبون لنا وإنما يكتبون لأهليهم ولأوطانهم و”الرائد لا يكذب أهله” كما هو شائع ، ولكن الذي يحدث أن بعضهم  غير متمكن من اللغة العربية، فلا يفهم النص ويبنى أحكاما على النص الخاطئ، فتجيء بعض أحكامهم خاطئة، ولكنهم لا يتعمدون الخطأ، لأنه فى الأساس لا يكتب ولا يتصور أن ما يكتبه سوف يقرأ فى بلادنا، هم طبعا يكتبون بحياد وموضوعية، لا يجاملون، ولا يسكتون عن أخطائنا ولا يزينون ما هو قبيح، أما كلامهم عن عصور الانحدار ومنها: العصر المملوكي مثلا فهم ينظرون إليه من منظور سياسي وإقتصادى وهم يضعون فى المقام الأول أين يقف النظام السياسي من مصلحة الشعب وهو نفس ما يطبقونه فى بلادهم ..
 أما ذكرياتي معهم فهم أناس أساتذة فى جامعات تعاملوا معنا كطلاب فوجدنا منهم كل الرعاية وكل المعاونة ولم يظهر لنا فى أيه لحظة من اللحظات أي عداء أو إهمالاً أو تشفى وصادقت كثير منهم مثل “أميليو جارثيا غومث”، فهو الذى أشرف على دراساتي العليا هناك وغيرهم ..

الأحد، 4 مايو 2014

مقتطفات من رسالة الماجستير المقدمة من الباحثة منى عبد العظيم محمد.


أولاً: عنوان الرسالة :       الطاهر مكي ناقداً ومبدعاً.
أشرف عليها:        أ.د/ محمد أبو الفضل بدران ..............أ.د/ السيد محمد علي.
الجهة المانحة:      قسم اللغة العربية - كلية الآداب بقنا - جامعة جنوب الوادي.

ملحوظة مهمة: سوف أورد بعض مقاطع من الرسالة كما هي دون تدخل مني بتعديل أو تصحيح أو زيادة أو نقصان، فالنص عهدة الباحثة ومسئوليتها.
==========================
الفصل الأول: السيرة الذاتية للدكتور الطاهر مكي


من هو الطاهر مكى؟
عندما نتحدث عن هذا الرجل فنحن أمام شخصية عصامية صنعت نفسها بنفسها في أصعب الظروف والامكانيات، فهو الطاهر أحمد مكي ولد في محافظة قنا سابقا والأقصر حاليا في مركز إسنا بقرية الغريرة في السابع من أبريل عام  1924م، من أسرة متوسطة حاولت بكل طاقتها أن يظهر نبوغ هذا الطفل إلي العيان.
وكان السبيل الوحيد لهذا هو التعليم ولكن كيف والعلم حينها لم يتجاوز الكتاتيب في هذه البلدة،وحين يفكر أحد في إكمال تعليمه لم يكن أمامه إلا أن يسافر مسافة قدرها 500كيلو مترًًا إلي المعهد الأزهر في أسيوط، ولكن يتدخل القدر في إنشاء معهد ديني علي مسافة أقرب في محافظة قنا.
وبعد اتمام تعليمه في هذا المعهد يسافر إلي العاصمة ليلتحق بكلية دار العلوم وفي عام 1952م ويحصل الطاهر مكي علي الليسانس الممتازة،مع مرتبة الشرف الثانية في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية، كما حصل على
 دبلوم الدراسات العليا للمعلمين بتقدير جيد جدا 1956م،ويتدخل القدر مرة أخري في سفر الطاهر مكي إلى إسبانيا حين رأت جامعة القاهرة ضرورة دراسة الأدب الإسباني وحاجتها في إرسال الطلبة الكفء لهذه المهمة فكان الطاهر مكي على قائمة هؤلاء المسافرين وحصل على درجة الدكتوراه في الأدب والفلسفة بتقدير ممتاز من كلية الآداب، الجامعة المركزية 1961م، مدريد- إسبانيا.
وعن أهم الأعمال التي شغلها الطاهر مكي نبدؤها بعام 1952م حيث ألتحق بوزارة التربية والتعليم وعين مدرسا فيها كما اختير عضوا ببعثة وزارة التربية والتعليم للحصول علي الدكتوراه من إسبانيا حتى عام 1961م، وعين أيضا أستاذا منتدبا من وزارة التعليم العالي لتدريس الأدب العربي والحضارة الإسلامية في جامعتي كولومبيا الوطنية والجزويت باللغة الإسبانية في كولومبيا حتى عام 1964م ، وفي نفس العام وبعد عودته من إسبانيا عين مدرسا بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، كما عين أستاذا مساعدا بقسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم حتى عام 1974م وأخيرا اختير أستاذا بالقسم نفسه حتى عام 1976م، ورئيسا لقسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم حتى عام 1984م، وأخيرا وليس آخرا وكيلا للدراسات العليا والبحوث بكلية دار العلوم حتى عام 1989م.
*النتاج العلمي*
تنوع نتاج د.الطاهر مكي ما بين تأليف وتحقيق وترجمة من وإلى لغات مختلفة ،وإبداع في مجالات متعددة يمكننا تقسيمها على النحو التالي:

                 أ- التأليف:
1-   امرؤ القيس حياته وشعره
2-   دراسة في مصادر الأدب
3-   دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة
4-   الشعر العربي المعاصر: روائعه ومداخل لقراءته
5-   القصة القصيرة دراسة ومختارات
6-   دراسات أندلسية في الأدب والتاريخ والفلسفة
7-   الأدب المقارن :أصوله وتطوره ومناهجه
8-   في الأدب المقارن دراسات نظرية وتطبيقية
9-   مقدمة في الأدب الإسلامي المقارن
10-    أصداء عربية وإسلامية في الفكر الأوربي الوسيط
11-    من روائع القصة القصيرة: مع مقدمة عن الرواية والقصة القصيرة
12-    في الشعر الجاهلي قضايا ومواقف
     ب- التحقيق:
1-    تحقيق طوق الحمامة في الألفة والألآف لابن حزم الأندلسي
2-    الأخلاق والسير في مداواة النفوس
3-    تحفة الأنفس في شعار سكان الأندلس لابن هذيل
 ج- الإبداع:
1-السلطان يستفتي شعبه وحكايات أخري
2- بابلو نيروا: شاعر الحب والنضال
 د- الكتب المترجمة:
عن الفرنسية:
1-الشعر الأندلسي في عصر الطوائف هنري بيريس
2- الحضارة العربية في إسبانيا ليفي بروفنسال
3-هذه المرأة لي: رواية لجورج سيمنون مع مقدمة عن حياته وفنه والرواية البوليسية بعامة كتاب الهلال 1989م
عن الإسبانية:
1-مع شعراء الأندلس والمتنبي إميليو غرسيه غومث
2- الفن العربي في إسبانيا وصقلية فون شاك
3- الشعر العربي في إسبانيا وصقلية فون شاك
4- التربية الإسلامية في الأندلس أصولها المشرقية وتأثيراتها الغربية خوليان ريبيرا
5- مناهج النقد الأدبي إنريك أندرسون
  6-ملحمة السيد
   عن الإنجليزية
1-الرمزية أنا بلكيان
2-الثقافة واللغة والتعليم في مصر الحديثة لويز آرمين ينشر فصولا في صحيفة دار العلوم
د- الأبحاث:
1- العالم الإسلامي في مطلع القرن التاسع عشر كما رآه رحالة إسباني دومينجو باديا =(علي بك العباس) نشر علي أجزاء في الفكر العربي بيروت مجلة "المجلة" والكتب وجهات نظر في مصر
2- المثقفون والهزيمة في كتاب أصدرته جريدة الأهرام 1998م بعنوان "حرب يونية 1967م بعد 30 سنة" وشارك في تحريره نخبة من المفكرين المصريين
3- دراسة عن الحرب الأهلية الإسبانية (ج4 ص71 :165) في موسوعة أحداث القرن العشرين دار المستقبل العربي القاهرة 2000م
4- حينما كانت الأندلس تتكلم العربية وتدين بالإسلام الكتب وجهات نظر العدد 60 يناير 2004م
5- مخطوطة عربية واثنا عشر عالما أوربيا الكتب وجهات نظر العدد 32،3 سبتمبر 2001م

                                       *المقالات*
كثيرة وموزعة علي شتي المجلات في العالم العربي :الهلال، الملحق الأدبي للأهرام، المجلة ، الرسالة، آفاق 4 عربية الدوحة، العربي،الثقافة العربية، والفيصل، والفكر العربي، والبحث العلمي... وغير ذلك
*النشاط الثقافي*
انتخب د.الطاهر مكي عضوا بمجمع اللغة العربية، كما اختير عضوا بالمجلس القومي للثقافة والفنون والآداب والإعلام عضو مجلس إدارة الكتب والوثائق القومية، وعضوا للجنة الأدب واللغة بالمجالس القومية،وأيضا عضوا بلجنة منح جوائز التفوق بالمجلس الأعلى للثقافة، وأخيرا عضوا في لجان منح الجوائز العربية منها على سبيل المثال لا الحصر: العويس في الإمارات، والبابطين في الكويت، وجوائز التقدم العلمي التي تمنحها حكومة الكويت.
وعين رئيسا لتحرير جريدة دار العلوم، مجلة فصلية محكمة، تصدرها جماعة دار العلوم، وأيضا رئيسا لتحرير مجلة "أدب ونقد " من عام1982م إلي عام 1987م، وفي الفترة من عام 1983م إلي عام 1990معين أمينا للجنة ترقيات الأساتذة، وختاما فقد أشرف علي أكثر من 40 رسالة دكتوراه في جامعات مختلفة، وعلي أكثر من 45 رسالة ماجستير، وكان عضوا في لجنة مناقشة أكثر من مئة رسالة دكتوراه وماجستير.
*الجوائز والأوسمة*
إن هذا الرجل يستحق وعن جدارة الكثير من الجوائز والمنح لما قدم في حياته لهذه الأمة التي ظل يدافع عنها في كل كتاباته بأسانيد عربية وغربية وعن أهم الجوائز والأوسمة التي حاز عليها د.الطاهر مكي نذكر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 1990م، وجائزة الدولة التقديرية لعام 1992م، وأيضا وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 1992م، كما كرم في محافل جامعات عدة وحصل على دروع تكريم من جامعات ومحافظات مختلفة: المنيا وجنوب الوادي … وغيرها.
*المؤتمرات*
 شارك في أكثر من ثلاثين مؤتمرا حول التربية والقضايا النقدية والأدبية، في عمان والأردن، سوريا، والرياض المغرب والجزائر، وإسبانيا.
ثانيا:العوامل المؤثرة في تكوين شخصية د.الطاهر مكي
  هناك خمسة عوامل أثرت وبشدة في تكوين شخصية د.الطاهر مكي منذ طفولته وحتى الآن، نشم عبق هذه العوامل في كل مقال أو بحث أدبي أو بين دفتي كل كتاب يحمل اسم د.الطاهر مكي وأول هذه العوامل: كتاب القرية، وثانيها: المدرسة وثالثها:الصحافة، ورابعها: شاعر الربابة، وأخيرا رحلته إلي إسبانيا.
أولا:كتَّاب القرية
  كان الكتَّاب الرافد الوحيد لمن أراد محو أميته في قرية د.الطاهر مكي، بدأ د.الطاهر مكي دراسته في كتاب القرية وحفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، مما ساعد علي تمكنه من اللغة العربية وجعله قادرا علي التعبير الصحيح بالأساليب الراقية المعتمدة علي ثروة لغوية ضخمة، وجعله أيضا قادرا علي النطق الصحيح لحروف الكلمات.

  لهذا كان لزاما علينا أن نسأل د.الطاهر مكي عن أثر الصعيد المصري في كتاباته، وبعد السؤال أجاب قائلا:
"لقد أثر الصعيد في تكويني الشخصي منذ نعومة أظافري فقد كانت القرية التي أعيش فيها لا تتمتع بقدر كبير من الثقافة والمثقفين لدرجة أن هناك ثلاثة فقط في القرية يجيدون القراءة والكتابة وهم( عمي- ضابط النقطة- والعمدة) وكان حبي للقراءة حبا جارفا أزال كل المعوقات في حياتي فقد كنت أذهب إلي بيت عمي لقراءة الصحف التي كان الثلاثة المثقفين يشترونها مقابل اشتراك شهري قدره 120قرشا"(1)
ثانيا:من الإلزامية حتى الليسانس الممتاز
  بعد الكتاب، ذهب د.الطاهر مكي إلي المدرسة الإلزامية تلميذا، دخلها وهو حافظ للقرآن الكريم، وبدأ يتعلم أشياء أخري علمية وأدبية لم يعهدها في الكتاب:
   "التقيت بألوان جديدة من المعارف، أحببتها كلها علي تفاوت  في هذا الميل، وتأتي علي رأسها الرياضيات من حساب وهندسة وشيء من أوليات الجبر ثم الأدب أو المحفوظات كما كانوا يسمونها في تلك الأيام، إلي جانب كتب المطالعة والتاريخ وكانت حافلة بالموضوعات الجادة والمتنوعة والجذابة" (2)  
  وفي عام 1944م أنهي الدراسة الابتدائية، وكان عليه أن يذهب للقاهرة، ولكن شيخ معهد القاهرة لا يقبل ولا يحب أهل الصعيد لأسباب شخصية وغير شخصية ليتدخل القدر من جديد فيتغير الشيخ ويأتي آخر يرحب به.
وفي القاهرة يحضر ندوات ويراسل الدوريات حتى أنه كتب وفي رسالة الزيات وهو في الثانوية، وأعانته الكتابة علي اجتياز مسابقة للالتحاق بكلية دار العلوم وهي من الصعوبة بمكان وقتها.. والالتحاق بها أمر عسير.
وكان الثاني عند نجاحه في الليسانس الممتاز بعد د. سعد هجرس... ولكن أمله كان أعلي.
ثالثا:الصحافة
 تعلقت صلة د.الطاهر مكي بالصحافة عندما ذهب إلي مدينة قنا طالبا في المعهد الديني، وفي ذلك يقول:
"هناك سوف تتعمق وتتسع كل بدايات القرية، ولم تعد قراءاتي وقفا علي الأهرام والرسالة بل شملت الصحف والمجلات جميعها، فقد سكنت الشارع الرئيسي في المدينة، واتفقت مع فتي من باعتها أن يحمل إليّ الصحف التي تصل في المساء ويأخذها في الصباح،وأن يجيئني بالصحف التي تصل في الصباح ويستردها في المساء، مهما كان عنوانها أو حجمها أو اتجاهها، مقابل ثلاثين قرشا شهريا، وهكذا لم تكن هناك صحيفة تصل مصر أو تصدر فيها إلا وتأتيني، بعضها أمر عليه عجلا، وبعضها أتوقف عنده طويلا، وقليل منها أبقي عليه وأدفع ثمنه.وكنت أحمل بعضها معي أقرؤه في ساعات الدراسة المملة، الشيخ يقرأ أو يشرح، والمجلة أمامي مخبأة ألتهم سطورها".(3)
رابعا: مولد "الأمير غانم" وشاعر الربابة
  وهو مولد يقام في شهر شعبان من كل عام في "المطاعنة" موطن د.الطاهر مكي، يأتي إليه الناس من كل مكان، وهناك كان د.الطاهر مكي يستمتع إلى مواويل شاعر الربابة أو "المداح" وهو رجل يطوف بالمنازل نهارا يلتمس شيئا من الرزق مقابل مدح أصحاب البيت أو إنشاد بعض القصائد الدينية والصوفية، أو كليهما، وكان الناس يلتفون حول هذا الرجل ليلا ليروي لهم السيرة الهلالية مصحوبة بأنغام الربابة والدف".
  كان الطاهر مكي يعجب بهذا الرجل ويستمع إليه ويتأثر بما يقول:
"لقد كنت أترقب هذا الشاعر حين يهبط القرية، أو القرى المجاورة، وفي أي ديوان، ولم أكسل في الذهاب إليه أبدا"
                                                       خامسا:البعثة إلي إسبانيا
ذهب د.الطاهر مكي إلي إسبانيا عام 1957م بناء علي منحة مقدمة من وزارة الخارجية الإسبانية لدراسة الأدب الإسلامي والأندلسي بقي هناك ستة سنوات، إلا أن د.الطاهر مكي آثر معهما أن يعد رسالة دكتوراه في الأدب الأندلسي،وقد أنجز رسالته بدرجة ممتاز في جامعة مدريد عام 1961م،وفي أثناء عمله بإسبانيا مر به سلامة حماد وكان وكيلا لوزارة العلاقات الثقافية فطلب منه أن يراسله بعدما ينتهي من الدكتوراه، وهكذا وجد نفسه معينا كأستاذ للحضارة الغربية بجامعة كولومبيا الوطنية وهناك أدرك المحب لبلاده أننا نظلمها فنحن نسبق أمريكا اللاتينية بـ500 عام.
وعن أول شيء أثار انتباه د.الطاهر مكي في أوربا أن كل فرد في هذه البلاد يؤدي عمله بجد عجيب، ولا يضيع وقتا في "حسد الآخرين"، أو الوقوف في طريق نجاحهم، بل علي العكس ، يجد العامل نتيجة عمله جزاء ماديا، واحتراما أدبيا، وتقديرا من المجتمع، مما يدفعه إلي المزيد من العمل والرقي.
كان ما سبق نبذة مختصرة عن تلك الأيام التي عاشها د.الطاهر مكي في إسبانيا، وبعد مجيئه من هذا البلد واستقراره في وطنه لم ينسها تماما وإنما ظل يوفد إليها في الإجازة الصيفية من كل عام، وله في ذلك هدفان الأول منهما:نقل زاد ثقافي جديد يعكف علي ترجمته أو تحقيقه أو الكتابة في تلك الموضوعات التي يري أنها تحمل شيئا ذا قيمة لتلاميذه، وكأنه وكل من قبل المثقفين لنقل ما لدي الآخرين من ثقافة، وما وصلوا إليه من تقدم، والهدف الثاني يتمثل في الحصول علي قسط من الراحة بعد عناء عام دراسي مثقل وملئ بالتدريس والتأليف.
لم يتوقف نشاط د.الطاهر مكي عند إسبانيا فقط، حيث قضي سنوات أستاذا وزائرا في جامعة بوجوتا عاصمة كولومبيا ومكنته هذه الإقامة والاتصال المباشر بشعب من شعوب أمريكا اللاتينية إلي جانب اهتمامه بآداب تلك البلاد،من التعرف الوثيق علي الأدب المكتوب بالإسبانية في هذه القارة.حتى أصبح واحدا من تخصصاته الأدبية الكثيرة، وكان في هذه الجامعة يحاضرهم في الثقافة العربية والإسلامية، فكان نعم السفير لثقافتنا في ذلك العالم الجديد.
*أهمية مؤلفات د.الطاهر مكي على المستوي العربي *
نحن أمام مجموعة مختلفة من كتب د.الطاهر مكي منها ماهو مؤلف ومنها ما هو مترجم، وسوف نري في الفصول القادمة أن لكل مجال كتب فيه د.الطاهر مكي أهمية بالغة سواء من حيث انتقاء الكتب التي تفتقر إليها المكتبة العربية ،أو من حيث التأليف في موضوعات تطرق إليها كتاب سابقين ويضيف إليه شيئا جديدا.
ففي مجال الادب المقارن كتب د.الطاهر مكي أربعة كتب نبدؤها بكتاب "الأدب المقارن دراسات نظرية وتطبيقية" وترجع أهمية هذا الكتاب إلي أنه يعتبر امتدادا لما كتبه د.غنيمي هلال في مجال الأدب المقارن ويليه كتاب "الأدب المقارن أصوله وتطوره  ومناهجه" ويعد هذا الكتاب ضمن أكبر الكتب النظرية في هذا الحقل والتي من خلالها تطرق إلي النواة الأولي لهذا الأدب إلي العصر الحالي علي المستويين العربي والأوربي، أما الكتاب الثالث وهو الرائد في مجاله وجاء تحت عنوان
"مقدمة في الأدب الإسلامي المقارن" والذي كتب بمنهج وأسلوب مختلف تطرق فيه د.الطاهر مكي إلي علاقات التاثير والتأثر في المجالات الإسلامية المتعددة في نطاق أوسع لعدة بلدان عربية وإسلامية،أما الكتاب الرابع وهو "أصداء عربية وإسلامية في الفكر العربي الوسيط" وفيه يثبت د.اتلطاهر مكي وبالدليل فضل الحضارة العربية في قيام
الحضارة الأوربية وكيف أن الثانية قامت علي انقاض الأولي حتى وصلت إلي هذا الازدهار والرقي الذي نشاهده الآن.
وفي مجال الإبداع لايمكننا أن ننسي السيرة الذاتية التي كتبها د.الطاهر مكي للشاعر الأندلسي "بابلو نيرودا" تحت
 مسمي بابلو نيروا شاعر الحب والنضال" وقد ذكر د.الطاهر مكي أن هذه الدراسة تعتبر الأولي في حينها حيث لم
 يسبق أحدا د.الطاهر مكي حتي الآن وكتبا شيئا عن الشاعر الأندلسي بابلو نيرودا.
"لا أعرف في العربية دراسة أخري تتناول حياة نيرودا،في لحظات كثيرة كنت أشعر أن ذلك نقصا في حياتنا الثقافية علينا أن نتجاوزه،ولقد نشرت له عدة قصائد مترجمة،ولعلي بذلك أقدم صورة تقريبية لشاعر عظيم"
وفي الأدب الأندلسي قام د.الطاهر مكي بدور الناقل لكل ما هو أندلسي إلي الأمة العربية حيث ترجم وألف العديد من الكتب في الأدب والشعر الأندلسي كما نقل لنا رأي المستشرقين أصحاب الرأي الراجح ونقد وبمهارة آراء الأخرين ممن خدعهم بريق الحضارة الأوربية، لقد قدم د.الطاهر مكي للمكتبة العربية العديد من الكتب في مجال الأدب الأندلسي مبينا ماضينا المشرق في هذه البقعة من الأرض، في أسلوب جميل تحن إليه المكتبة العربية، كما ترجع أهمية ما كتبه د.الطاهر مكي في الأدب الأندلسي إلي أنه عاش في هذه البلاد أكثر من سبع سنوات شاهد فيها ماتبقي من الحضارة العربية وتخيل بذهنه الصافي ما كان عليه الحال قديما فكان ينقد تلك الافتراءات التي يكتبها المستشرقون بالسان الرجل
الذي شاهد هذه البلاد وقرأ عنها الكثير لا بلسان القارئ فقط.
وأخيرا وليس آخرا فإن أهمية كتب د.الطاهر مكي أكبر من أن توضع في سطور وتتجاوز حدود ذلك، إن أهميتها نلحظها في عيون قراء كتب د.الطاهر مكي الذين يجدون ضالتهم في هذه الكتب فكم من باحث أو طالب أراد كتابة رسالة أو بحث في النقد أو الأدب الجاهلي أو الأدب الأندلسي أو الأدب المقارن ثم يكتشف فحوي القصيد فيما كتب عليه
تأليف أو ترجمة د.الطاهر مكي، إن د.الطاهر مكي يكتب بفكر مختلف ودافع آخر قبل أن تخط يمينه هذا المؤلف أو ذاك

أطال الله عمر هذا الرجل وجزاه عنا كل خير.
-------------------------------------------------------------------------------------------
وهذه خاتمة الرسالة كما هي:

*الخاتمة والتوصيات والنتائج*

    تتناول هذه الرسالة أعمال د."الطاهر مكي" تحليلا ودراسة، تحت عنوان "د."الطاهر مكي" ناقدا ومبدعا".
والآن وبفضل الله قد انتهيت منها وسوف أعرض في السطور القليلة القادمة ما توصلت إليه في هذا البحث المتواضع، وما أوصي به الدارسين من بعدي،في النقاط الموجزة التالية:
1-            إن أعمال د."الطاهر مكي" تحتاج المزيد من العناية والتمحيص في رسائل علمية قيمة، فنحن في حاجة إلي سبعة رسائل الأولي في النقد، والثانية في الأدب المقارن، والثالثة في الأدب الأندلسي،والرابعة في التحقيق،والخامسة في الإبداع، والسادسة في الترجمة، والسابعة في أعمال د.الطاهر مكي المتعلقة بالأدب الجاهلي، والأدب العربي،ولنا في هذا القول تجربه سابقة قدمتها د. يمنى رجب إبراهيم في كلية البنات عين شمس، تحت عنوان " منهج د.الطاهر مكي في الدراسات المقارنة نظرا وتطبيقا" تناولت فيها أعمال د."الطاهر مكي" في حقل الأدب المقارن فقط.
2-            إن الترجمة والتحقيق لا يقلان أهمية عن التأليف، بل علي العكس فقد يتطلبان جهدا خاصا، فتحقيق مخطوطة ما لا يأتي عبثا، وإنما يتطلب قواعدا وشروطا معينة،وإلا جاء هذا العمل تافها غير مفيد ولا نجني من ورائه إلا الأخطاء،وكذلك الترجمة فإن اختيار العمل المترجم في مقدمة الشروط الأولي للترجمة،فنحن الآن نري الكثير من الأعمال متواضعة القيمة، والتي يتكالب عليها الكثير لترجمتها، إما لعدم قدرتهم علي ترجمة الأعمال الكبرى، وإما لتدني ثقافة عامة الدارسين المثقفين.
3-            الوقوف في وجه الصعاب، لأن البحث العلمي يحتاج منا جهدا أكبر، وصبرا أطول، حتى يؤتي ثماره المرجوة علي المستوي الفردي من إسعاد صاحبه بما عرفه من علم رفع شأنه قياسا علي قولهم:
     العلـم يـرفـع بيـوتـا لا عمـاد لهـا                    والجهـل يخفض بيـوت العـز والكـرم
أو علي المستوي الجماعي من المنفعة التي سوف تعود علي الباحثين والدارسين بالخير والعلم،كل هذا لن يأتي إلا إذا ذاق الإنسان تحمل عناء العلم، وصبر علي جفا المعلم وقديما قال الإمام الشافعي-رحمه الله- :
تصبر علي مر الجفا من المعلم        فإن رسوخ العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعة         تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه         فـكبر عليه أربعـا لـوفاته
وذات الفتي والله بالعلم والتقي      إذا لـم يكونا لا اعتبار لـذاته
وأخيرا فإن أهم ما توصلت إليه فى هذه الرسالة على المستوي العام مجموعة من النتائج تتمثل فى الأتى:
1-            أن هناك نوعا من الإبداع لا يتناوله الكتاب والأدباء إلا القليل منهم، وهو السير الذاتية فعندما قرأت كتاب "بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال" ذكر د."الطاهر مكي" أن هذه الدراسة لهذا الشاعر تعد الأولي من نوعها فى مصر.
2-            أن الأدب المقارن فى مصر لم يأخذ حتي الآن مكانته التى تليق به كأدب مستقل، كما أن هذه المكانة عرفتها الكثير من الدول الأوربية وخصصوا له كراسى باسمه فى جامعاتهم.
3-            أن لكل أدب من الآداب العربية له قسمان نظرى وتطبيقى، وأن لكل قسم أهميته فإن لم يأخذ كل قسم حقه فى الدراسة فلن نجنى ثمار هذا الأدب كما كنا نتمنى.
4-            أن الأدب الأندلسى يحتاج الكثير من البحث، لأن هناك الكثير من المخطوطات لم يتم اكتشافها حتي الآن فى المكتبات العامة والخاصة فى هذا البلد التى ظلت تحت الحكم العربى نحو أكثر من 800عام.
5-            أن هناك بعضا من الموضوعات تحتاج إلى اتساع فى دراستها فى جامعاتنا كأدب الملاحم المختلفة، وكيفية تحقيق المخطوطات والكتب العربية، والأدب الإسلامي المقارن، وأدب السير الذاتية، وكيفية كتابتها ودراستها ونقدها.
كانت هذه رسالتى تمت بحمت الله وعونه، فإن وفقت فيها فهذا بفضل الله الذى يعين عباده على الصالحات من الأعمال وإن أخفقت فحكمة الله فى خلقه تقتضى ذلك، ولأن النقصان يحمل بين جوانبه صفتى المعرفة والتتابع، هذا وبالله التوفيق.

 ===================================================
  
ملخص الرسالة

جاء هذا العمل المتواضع تحت عنوان "الطاهر مكى ناقدا ومبدعا" وقد أشرت إلى أن هذا العنوان لا يعنى في مجمله أننى سوف أتناول أعمال د."الطاهر مكى" بالنقد لأننى في هذه المرحلة غير مؤهلة لذلك، كما أننى لا أمتلك فى الوقت الحاضر تلك الأدوات التى تجعلنى ناقدة لأعمال د."الطاهر مكى" .
أما عن فصول هذه الرسالة فقد جاءت بعد المقدمة فى ثمانية فصول يمكن تلخيصها علي النحو التالى:
·               الفصل الأول (السيرة الذاتية للدكتور الطاهر مكى)
وفى هذا الفصل حاولت بقدر المستطاع تصوير الكثير من العوامل الحياتية التى أثرت فى كتابات د."الطاهر مكى" وجعلته صاحب أسلوب متميز من بين أقرانه، وكان من بين هذه العوامل، القرية وهى مسقط رأس د."الطاهر مكى" بما تحمل من ظروف نشأته وتعليمه، يليها الصحافة التى تعلق بها د."الطاهر مكى" منذ صباه،ولا ننسي علي المدي البعيد شاعر الربابة والذى كان د."الطاهر مكى" يتشوق لسماعه فى مولد الأمير غانم، وأخيرا كانت البعثة إلى إسبانيا والتى عرف من خلالها نوعا آخر من الأدب، ألا وهو الأدب الأندلسى .
وآخر ماكتبت فى هذا الفصل حمل عنوان "أهمية مؤلفات د."الطاهر مكى" على المستوي العربى "
وقد أثرى د."الطاهر مكى" المكتبة العربية بالعديد من الكتب، فى جميع المجالات التى كتب فيها، وهى متعددة نذكر منها حتى الوقت الحاضر، النقد، والأدب المقارن،والأدب الأندلسى،والأدب العربى، كما ترجم لكثير من المستشرقين فى لغات مختلفة، وأورد أرائهم بكل أمانة وصدق نقلا ودراسة وتحليلا وإن خالفوه فى الرأى.
·               الفصل الثانى ( جهود د.الطاهر مكي فى النقد)
وفى هذا الفصل تناولت أعمال د."الطاهر مكى" فى مجال النقد تنظيرا وتقعيدا ترجمة وتأليفا.
ففى النقد التنظيرى تناولت أراء "إنريك أندرسون إمبرت" من خلال كتابه "مناهج النقد الأدبي" والذى ترجمه د."الطاهر مكى" فى براعة واقتدار،وحاولت جاهدة دراسة القصة القصيرة على المستويين العربى والعالمى،ودراسة أراء بعض الكتاب أمثال: نيقولاى جوجول، إدجار ألن بو، جى دى موباسان....وغيرهم.
وقدمت لعناصر العمل الأدبى من حدث، وحبكة،وأشخاص، ومكان، وزمان، ،ولحظة التنوي،وبناء القصة،أو كما أسماها د."الطاهر مكى" "تقنيات السرد".
وفى النقد التطبيقى تناولنا بعض القصص القصيرة التى حللها د."الطاهر مكى" فى كتابه "مختارات من القصة القصيرة "، وفى كتاب" دراسات أندلسية وفى الأدب والتاريخ والفلسفة" كتب د."الطاهر مكى" مجموعة من الأبحاث فى مجال النقد الأدبى، فبحث في أصل كلمة أندلس وتطوره، كما كتب بحثا عن المرأة الشاعرة فى الأندلس، وجاء بنموذج على سبيل المثال وهى "حفصة بنت الحاج الركونية"، كما رسم لنا أصدق الصور الشعرية من خلال رثاء الممالك الأندلسية فى عصر الطوائف ،وعصر المرابطين، وعصر الموحدين، ومملكة غرناطة.
·               الفصل الثالث ( جهود الطاهر مكى فى الأدب المقارن)
 وفى هذا الفصل تم تقسيم الأدب المقارن إلى :
أولا:الأدب المقارن التطبيقي:
 وفي هذه الحزئية قمت بتحليل ودراسة كتب د."الطاهر مكى" فى مجال الأدب المقارن وحملت عنوان "مجالات البحث فى الأدب المقارن" فجاءت فى النقاط الأتية:
1-            الترجمة
2-            الكتب والمطبوعات
3-            الرحلة والرحالة
4-            الوسطاء
5-            الكتاب والمؤلفون
6-            دراسة التأثير والتأثر
وبعد الانتهاء من مجالات البحث عقدت مقارنتين وهما:
1-            مقارنة بين "المتنبى" و"ابن هانئ"
2-            مقارنة بين ملحمة "السيد" وملحمة "بنى هلال" (السيرة الهلالية)
كما قمت بتحليل ودراسة كتاب "الأدب الإسلامى المقارن"، وهو أحد فروع الأدب المقارن لايمكن إغفاله.
ثانيا:الأدب المقارن التنظيرى:
وفى هذا الجزء تناولنا مجموعة من النظريات فى مجال الأدب المقارن وهى:
1-            نظرية "هردر"
2-            نظرية "تين"
3-            نظرية "زولا"
4-            نظرية "تكست"
5-            نظرية "بترسن"
6-            نظرية "بوسنت"
7-            نظرية "جريجورى سميث"
8-            نظرية "فيسيلوفسكى"
وعند دراسة الأدب المقارن لا يمكن أن ننسي أعظم ما ترجم د."الطاهر مكى" وهو كتاب" الرمزية" لـ "آنا بلكيان" وفى هذا الكتاب عرضت صاحبته لهذا المذهب منذ بدايته وعرفتنا على أهم أصحابه أمثال: سويدنبرج، بودلير، فرلين، رمبو، مالرميه.
·               الفصل الرابع: (إبداع د.الطاهر مكى)
وفى هذا الفصل نقدم خير ما ألف د."الطاهر مكى" فكان كتاب " السلطان يستفتى شعبه وحكايات أخري" وهى مجموعة قصصية سمعها د."الطاهر مكى" أثناء وجوده فى المغرب العربى، وبعد عودته إلى مصر كتبها بأسلوبه الرائع، ثم تأتى قصته الرمزية"الحمار دكتورا مشكلة" وفيها قدم د."الطاهر مكى" مجموعة من القضايا، نذكر منها قضية تدهو الشعر، ونظرة البعض إلى العلم وكأنه شئ كمالي.
وفى حقل المقال سردنا بعض مقالات د."الطاهر مكى" وهى كثيرة ومتنوعة وقد قسمناها إلى:
1-            المقال الأدبى.
2-            المقال اللغوى.
3-            المقال السياسى.
وهناك نوع آخر من الإبداع لا يقل أهمية عما سبق، وضعناه تحت عنوان " مقدمات الكتب" فقد قدم د."الطاهر مكى" للكثير من الكتب فى مجالات مختلفة، وقد أوردنا الأمثلة لذلك.
وضمن ما قدم د."الطاهر مكى"كان كتاب "بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال" وفيه يعرض أستاذنا لـ "السيرة الذاتية" لهذا الشاعر الإسبانى.
·               الفصل الخامس: (جهود د.الطاهر مكى فى الدراسات الأندلسية)
كان الأدب الأندلسى إحدى البصمات المميزة فى أعمال د."الطاهر مكى"، وفى هذا الفصل قمت بتحليل ودراسة كتاب "دراسات عن ابن حزم الاندلسى وكتابه طوق الحمامة" ، وعلاقة هذا الكتاب بالمخطوطة الأساسية وهى "طوق الحمامة فى الألفة والألاف" لـ"ابن حزم الأندلسى القرطبى".
وبعد هذا تناولنا جميع الكتب المترجمة، والمحققة فى الأدب الأندلسى، على يد د."الطاهر مكى" وطرحناها تحت ثلاثة عناصر وهى:
1-            الحضارة الأندلسية.
2-            التربية الأندلسية وطرق التعليم والتعلم.
3-            الفن والشعر فى الأندلس.
وأخيرا كانت الضرورة ملحة لعرض طبيعة المستشرقين الذين ترجم لهم د."الطاهر مكى" هذا النتاج العظيم من الكتب.
·               الفصل السادس : ( جهود د.الطاهر مكى فى الترجمة)
ومن خلال تراجم د."الطاهر مكى" قمت بدراسة هذا الفصل فى عاملين أساسيين وهما:
1-            تراجم د."الطاهر مكى" من حيث الموضوعات فكانت:
·               الحضارة
·               تاريخ الأدب {الشعر- القصة – الملحمة}
·               الأدب المقارن
·               النقد النظرى
2-            تراجم د."الطاهر مكى" من حيث اللغة
·               الفصل السابع : ( جهود د.الطاهر مكى فى التحقيق)
وفى بداية هذا الفصل عرضنا لمعني التحقيق لغة واصطلاحا، والشروط الواجب توافرها فى المحقق ، كما وضحت معالم مخطوطة "طوق الحمامة فى الألفة والألاف" لـ"ابن حزم الأندلسي القرطبى"قبل وبعد تحقيق د."الطاهر مكى".
وفى إطار فصل التحقيق عرضت للفرق بين تحقيق د."الطاهر مكى" وتحقيق د."إحسان عباس" لمخطوطة "طوق الحمامة في الألفة والآلاف "لابن حزم الأندلسي وما هى أوجه الزيادة والنقصان؟.
وأخيرا عرضنا لمخطوطة "الأخلاق والسير فى مداواة النفوس"  لـ"ابن حزم الأندلسى"والفرق بينها وبين  مخطوطة "طوق الحمامة".
·               الفصل الثامن ( مؤلفات د.الطاهر مكى فى الأدب العربي)
وفى هذا الفصل درسنا كتب د."الطاهر مكى" التى لم يتم دراستها فى الفصول السابقة، وجاءت تحت العناوين الأتية:
1-            دراسة فى مصادر الأدب
لا تعد دراسة مصادر الأدب بالنسبة للدكتور "الطاهر مكى" مجرد مقرر تعليمى فقط، بل أتخدها منهجا لتقويم أبنائنا فى اللغة والأدب، مما جعله يضيف إلى كتابه "دراسة فى مصادر الأدب" بعض التعليقات والهوامش تيسيرا على المبتدئين فى هذا الطريق، والذى أصبح الآن عقبة عند الكثيرين، فأورد فى كتابه أهم مصادر الأدب العربى، وأهمية دراسة مصادر الأدب بالنسبة لطالب اللغة العربية .
2-            امرؤ القيس حياته وشعره
والعنوان السابق أحد كتب د."الطاهر مكى" فى الأدب الجاهلى، وعلى الرغم من أن "امرأ القيس" كدراسة قتلت بحثا فقد قدم د."الطاهر مكى" هذا العمل بأسلوب وطريقة مختلفين عما سواه .
وختمنا هذه الرسالة المتواضعة بالأتى:
1-            الخاتمة والتوصيات والنتائج.
2-            ثبت بأهم المصادر والمراجع والدوريات.
3-             ملخص الرسالة باللغة العربية.
4-            ملخص الرسالة  باللغة الإنجليزية.