الجمعة، 7 فبراير 2014

قضايا فكرية..الحسبة حدودها وأبعادها.


أجرى المواجهة :محمود القيعي.   الأهرام 6 / 2 / 2014م
مصدر اللقاء: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/258291.aspx

     رغم أن مصر قد قامت بثورتين عظيمتين للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. ورغم الضمانات التى يكفلها الدستور لحرية الرأى والفكر والإبداع.. إلا أن شبح قضايا الحسبة مازال يطارد المبدعين والمفكرين .

         «قضايا فكرية» آثرت أن تبدأ أولى صفحاتها، بفتح أوراق هذا الملف الشائك.. نثير هنا التساؤلات.. نطرح المخاوف والاعتراضات.. ونستعرض آراء الخبراء والفقهاء والمبدعين فى هذه القضية القديمة الجديدة : قضية «الحسبة».
ونحن على أعتاب حقبة مهمة حاسمة فى حياة الوطن نتساءل ما حدود قضايا الحسبة والرقابة وتأثيرها على الإبداع والفكر، بل وعلى جوانب حياتنا كافة، السياسية والفكرية والاجتماعية على السواء؟
هل يجوز إطلاق قضايا الحسبة هكذا دون قيد أو شرط علما بأنه لا يوجد ما يسمى بقانون الحسبة، حيث تم إلغاؤه عام 1955؟ وإذا كان المحتسب الذى لعب قديما دورا مهما فى حياة الدولة الإسلامية قد غاب بتطور آليات وقوانين الدولة المدنية الحديثة فلماذا بقيت الحسبة ؟. ألا تتعارض «الحسبة» مع مناخ الحرية والديمقراطية التى نادت بها ثورة 25 يناير و30 يونيو؟..
حول هذه القضية أجرينا مواجهة مباشرة بين رأيين متعارضين، واستعرضنا فى تحقيق صحفى آراء نخبة من المفكرين والمبدعين ورجال القانون ، وتعرفنا أيضا على الأصل التاريخى لقضية الحسبة ، فى محاولة منا لتفنيد هذه المسألة الشائكة التى عادت تطل مرة أخرى على حياتنا.
 الطاهر مكي:يتطاولون ليشتهروا والأفضل إهمالهم.
أعاد حكم قضائى صدر أخيرا بحبس الكاتب كرم صابر 5 سنوات بسبب مجموعته القصصية «أين الله» إلى الأذهان قضايا حرية الفكر والإبداع من جانب، وقضايا الحسبة والرقابة من جانب آخر.
«أين الله» التى اعتبرت حسب تقرير الأزهر - ازدراء للدين أعادت فتح أبواب الجدل حول نظام الحسبة والرقابة فى الإسلام.
فى السطور التالية نستطلع آراء أستاذين جامعيين وقامتين أدبيتين حول نظام الحسبة وحرية الفكر، أحدهما الدكتور الطاهرأحمد مكى أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة، والآخر الشاعر المعروف حسن طلب أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان.
- تثار بين الحين والآخرقضايا فكرية يراها البعض تطاولا على الدين،ويراها آخرون حرية فكر، كيف ترى الأمر؟
- الدين أعظم من أى تطاول ومن أى صغار، ولو صمت المسلمون على تطاول رسام الكاريكاتير المسيء للنبى محمد صلوات الله عليه، ومروا بالأمر كأنه لم يحدث،لمات هذا الشخص من دون أن يسمع به أحد،ولما تكرر الأمر. المستشرقون الذين تحاملوا- غفلة أو جهلا- على الرسول صلوات الله عليه ، صار كل ما كتبوه نسيا منسيا ، ولم يعد يهتم به أحد.
وأضاف د. مكى: هؤلاء يتطاولون ليشتهروا،وأنا أعرف معرفة شخصية أحد هؤلاء تطاول على الله وعلى الدين ولحسن الحظ لم يسمع به الأزهر، فكتب بنفسه شكوى باسم غيره - لمجمع البحوث الاسلامية ، يتهم عمله بالتطاول على الدين ، ومن تلقى الشكوى أدرك اللعبة ، فلم يسأل عنه. ولم ينشر، ومات الشاعر ، ولم يسمع به أحد، ومات شعره .
وتابع د. الطاهر:أتمنى على الأزهر ألا يعير هؤلاء أى اهتمام على الإطلاق ، مؤكدا أن الإبداع يحتاج إلى حرية مطلقة، ولكن هل ستعطينا الحرية المطلقة الروعة والخلود؟! .. الابداع جمال ، والتطاول ليس جمالا.
وتابع مكى: من رأيى أن الدين أكبر من كل تافه، ويجب ألا نعيرهم أهمية تذكر. ما يعار أهمية ليس الإبداع، وإنما الفكر، إذا تناول إنسان قضية فكرية، وكان بها جنوح فى الفكر، فيجب الردّ فكريا، كما حدث بين العقاد ومصطفى صادق الرافعى حول إعجاز القرآن «تحت راية القرآن».
وردا على سؤال عن أين هى السلطة الأدبية التى تقيّم الأدب بموضوعية؟
أجاب د. الطاهر: كل المقاييس تدهورت، وبالتالى كل الحكماء الذين نحتكم اليهم اختفوا من الساحة ، وبقى القارئ وحده هو صاحب السلطة الأدبية، ولكن أى قارئ؟ إنه القارئ المثقف.
الحسبة وظيفة مدنية يحددها الحاكم
وعن نظام الحسبة قال د. الطاهر: وظيفة المحتسب اخترعتها الدولة لتنظيم العمل، وأشهر الكتب فيها كتاب «نهاية الرتبة فى طلب الحسبة» لعبد الرحمن الشيرازى، وكان معاصرا لصلاح الدين الأيوبى، ولعله وضع الكتاب بناء على طلبه لمساعدة الحكومة فى مراقبة أرباب الحرف والصنايع. وظل كتابه هو المطبق فى مصر منذ عصر صلاح الدين إلى نهاية عصر محمد علي. وهو من أفضل كتب الحسبة تنظيما ، فقد أعده صاحبه لتطبيق أحكامه والرجوع إليه. حيث قسّمه 40 بابا، جمع فى كل باب القضايا المتشابهة:
الباب الأول فيما يجب على المحتسب معرفته من شروط الحسبة ومستحباتها، وأن يكون «فقيها عارفا بأحكام الشريعة ، ليعرف ما يأمر به، وينهى عنه» الباب الثانى خاص بالأسواق والطرقات .الباب الثالث خاص بالأوزان بالقناطير والأرطال والمثاقيل والدراهم .الرابع: فى الموازين والمكاييل، ثم يمضى بعد ذلك : باب للخبازين والدقاقين والفرانين وصناع الزلابية والجزارين والشوائين... إلخ. الباب الأربعون ويشتمل على أمور خاصة بالحسبة نفسها.
وهل كانت الحسبة تطال الأفكار؟
- سلطة المحتسب لم تكن تتدخل فى الفكر والإبداع أبدا، ولا ترد عن هذا كلمة واحدة فى كتاب الشيرازى.
واختتم الدكتور الطاهر حديثه مؤكدا أن الإبداع الهائل الذى أنجزه الإسلام على امتداد قرون عديدة فى مجال الفكر وفى كل الأنواع الأدبية شاهد على أن التضييق على حرية الفكر لم يكن من مبادئ الإسلام على الإطلاق، وأن الإسلام لم يعرف نظام«الإنديكس» ( تحريم كتب معينة على المسيحيين تصدر سنويا) ، مشيرا إلى أن كل فكر مباح للمسلم أن يقرأه ويقول رأيه فيه، ومن هنا عرف الإسلام مختلف المذاهب والأفكار والحريات ولم يضيّق على معتنقيه أى لون من ألوان الفكر.
....

الخميس، 6 فبراير 2014

سنة 1997م في كلية الآداب بقنا


بالترتيب من الشمال: أد. أحمد السعدني - أ د. الطاهر مكي - أ د. يوسف نوفل - أ د. قرشي عباس.
أثناء النطق بالحكم بعد مناقشة رسالة الماجستير للدكتور محمود النوبي.