الثلاثاء، 2 يونيو 2015

الناقد الكبير د. الطاهر مكي متحدثا عن شعرية القهر عند الفيتوري: التمرد سمة أساسية في شعره وعبودية أبيه أورثته كراهية الأوروبيين.. وكان يصف السياسيين والمثقفين المتعاونين مع الغرب بأنهم “مطايا”.. وهذه ذكرياتي معه

قال الناقد الكبير د. الطاهر أحمد مكي إن شاعرية الشاعر السوداني الراحل محمد الفيتوري تكمن  في أنها تصدر عن قهر وصدق، مشيرا الى أن عبودية أبيه أورثته حقدا قويا على الرجل الأوروبي الذي مارس عنصرية بغيضة ضد الرجل الشرقي.

وأضاف د. الطاهر في تصريح خاص لـ “رأي اليوم” أن الفيتوري بصدقه وشاعريته كان  يلهب عواطف الجماهير التي كانت تتجاوب معه ارتفاعا وانخفاضا.

 وعن ذكرياته مع الفيتوري، قال د. الطاهر إن الناس يرددون أنه من مواليد دارفور وأنه سوداني الجنسية، وهذا ليس صحيحا، فالفيتوري من مواليد الاسكندرية، وجاء أبوه الى الاسكندرية عبدا، ولما صدر قرار في عهد إسماعيل بإلغاء الرق الغاء كاملا، تحرر أبوه.

وكان رجلا عصاميا ليس له أسرة ولا تاريخ ولا سند الا الشعر.

 وتابع د. الطاهر قائلا: سبقت الفيتوري في الدخول الى دار العلوم في أواخر الأربعينيات،وكنا نلتقي دائما، وكنا ندرك أنه صاحب مستقبل في الشعر، وعندما أراد أن يدخل دار العلوم، لم يكن حافظا للقرآن الكريم، في وقت كان يشترط في لدخول دار العلوم حفظ القرآن الكريم، وكان بعض الأساتذة يتساهلون في الحفظ ، والبعض الآخر لم يكن يتساهل مثل المرحوم الشيخ عبد المنعم حسب الله، وكان من نصيب الفيتوري أن يمتحنه الشيخ حسب الله، فرسب في عامين متتاليين، ولم يستطع الدخول الى دار العلوم.

ودخل في العام الثالث بعد أن خطّطنا  لكي  يمتحنه شيخ آخر  غير الشيخ حسب الله،

ووصف د. الطاهر الفيتوري بأنه

كان شاعرا فحلا، يحفظ الجميع قصيدته:

ألأنّ وجهي أسود

ولأنّ وجهك أبيض

سمّيتني عبدا

لم يمدح أي زعيم

وعن  موضوعات شعره، قال د. الطاهر إن معظم شعره كان ضد الاستعمار الأوروبي، ولم يمدح أي زعيم  حتى القذافي الذي أغدق عليه، وكان القذافي يطلب من أن يصمت عنه فقط.

ولم يكن يهاجم ليقبض أو يهاجم ليرضي، ولكنه كان يهاجم، لأن هذه عقيدته.

وعن ذكرياته مع الفيتوري، قال د. الطاهر :كنا نلتقي أنا والفيتوري في الستينيات ومعنا الشاعر فوزي العنتيل، في ميدان التحرير في مقهى “ايزا فيتش” لرجل يوغسلافي، وكان الفيتوري متمردا على كل شيء، ولم يبال بأي إنسان مهما يكن منصبه، وكان يكره الأوروبيين كراهية شديدة،وكان يكره المثقفين والسياسيين الذين كانوا يتعاونون مع الغرب، ويراهم مجرد مطايا لأناس ذلّوا آباءنا وأجدادنا حقبا طويلة.

وكان يرى عدم التصالح مع هؤلاء الغربيين، و يرى ضرورة أن نربّي أبناءنا على كراهيتهم، ومن يفعل غير ذلك يجرم في حق وطنه.

واختتم د. الطاهر حديثه الشجي عن الفيتوري مؤكدا أنه كان يفخر بنفسه، كالمتنبي الذي خاطب جدته مفتخرا: ولو لم تكوني بنت أكرم والد.. لكان أباك الضخم كونك لي أما.

وكان لديه يقين أنه يكفي كل  الذين سبقوه من أهله أن يفخروا بأن ابنهم هو  الشاعر” محمد الفيتوري”.

المصدرك http://www.raialyoum.com/?p=263409