الاثنين، 12 يونيو 2017

الطاهر أحمد مكي... قيمة سامقة وتاريخ مشرق....د. سها عبد الستار السطوحى.






الطاهر أحمد مكي
 قيمة سامقة وتاريخ مشرق

د. سها عبد الستار السطوحى(*)

العالم الجليل الأستاذ الدكتور الطاهر أحمد مكي قيمة وقامة علمية وأدبية سامقة، وصرح شامخ في مجال الأدب والنقد، جمع من العلم أكمله، ومن الأخلاق أحسنها.
 علم وافر، فكر ثاقب، ثقافة موسوعية، براعة في النقد والتحليل، عمق فى معالجة القضايا، همة عالية في البحث والدرس، وينسجم ذلك كله مع خلق راق، تواضع جم، سعة صدر، وحب واحترام في قلوب تلامذته وأحبائه لا يتوفر للكثيرين.
 كانت المرة الأولى التي قابلت فيها أستاذي الدكتور الطاهر أحمد مكي عندما كنت في السنة التمهيدية للماجستير في كلية الألسن، فقد عرض على والدي -رحمة الله عليه- والذي كان عضوا بمجلس إدارة نادي دار العلوم أن يتولى الدكتور الطاهر مكي الإشراف على أطروحتي في الماجستير، وتهيبت عندما سمعت الاسم، وترددت خوفا من الوقوف أمام هذا العالم وهو من هو في علمه وسعه عقله، ولكن والدي هدأ من روعي وقال لي: لا تخافي فالدكتور الطاهر عالم فاضل، وفيه أخلاق العلماء وتواضعهم، وسوف يفيدك في بحثك كثيرا.
 ذهبت للقاء أستاذي في نادي دار العلوم – الكائن بشارع سوق التوفيقية- ولا أنكر إحساسا بالرهبة انتابني عندما رأيته، فعليه هيبة العلماء ووقارهم، وبدأ الحديث معي حول الموضوع المقترح للبحث، وبدأت أنصت إليه، وتدريجيا بدأ إحساسي بالرهبة يتراجع ليحل محله إحساس بالاحترام والتقدير.
 وتكررت اللقاءات العلمية، وفى كل مرة يضيف إلىّ أستاذي الفاضل من علمه الفياض، ويصحح لي أخطائي ويوجهني بأبوة حانية، فيزداد يقيني بعمق فكره، وموسوعيته اللامحدودة.
 وعندما حان وقت تحكيم البحث، تناولني أستاذي الفاضل الدكتور محمد عبد الحميد سالم بالنقد والمناقشة، لكن أستاذي الطاهر مكي أبى إلا أن يدافع عنى دفاع الأب الحاني عن ابنته، والأستاذ المحب لتلميذته، وشهد لي شهادة أسعدتني وأشعرتني بالزهو والثقة، شهادة من عالم جليل أعتز بها ما حييت.
 وأسعدني الحظ للمرة الثانية باختياره مشرفا على أطروحتي في الدكتوراه بالمشاركة مع أستاذي الفاضل الدكتور أحمد أمين مصطفى أستاذ الأدب بكلية الألسن.وبالفعل كنت سعيدة الحظ لوجود هذين العالمين الجليلين بجانبي، كل منهما يضيف إلى من علمه الوافر، ويغمرني بأدبه الجم.
 ومرت سنوات لم أسعد فيها بلقاء أستاذي الأجل لظروف سفري خارج البلاد، لكن تواصلي معه استمر عبر كتبه ومؤلفاته التي أثرى بها المكتبة العربية وتنوعت تأليفا وإبداعا، تحليلا ونقدا، ترجمة وتحقيقا عبر العصور الأدبية المختلفة، ليجد القارئ نفسه وقد انجذب انجذابا ووقع أسير العرض الممتع، والمعالجة العميقة، والنقد البارع، والترجمة الراقية، لتنفذ كتبه إلى عقل قارئها بهدوء وروية، وتخطف روحه برقة وعذوبة.
 الدكتور الطاهر مكي نموذج لعالم متفرد، أفنى جل عمره في خدمة العلم والمعرفة، فأخرج أجيالا نهلت من علمه الفياض، واقتدت بأدبه الجم وتواضعه اللامحدود.
 تحية إجلال وتقدير إلى هذا العالم الجليل أطال الله في عمره، ومتعه بالصحة والعافية، وأبقاه ذخرا للعربية وعلومها.

****



(*) أستاذ في كلية التربية – جامعة عين شمس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك