الدكتور الطاهر مكي
- الناقد الذي ظلّ نقّياً في زمن موبوء-
ينتمي الطاهر
مكّيِ إلى جيل النقاد الكبار الذين احترموا عقلية القارئ، وقدّروا قيمة الأدب
والإبداع، فجاءت أبحاثهم ودراساتهم جادة وعميقة ومتأنية. وأسهم الطاهر مكّيِ في
رسم معالم النقد الأدبي في المشهد الثقافي العربي سواء كان في دراسته للأدب القديم
أو الحديث، أو في إطلالاته على الأدب الغربي والآداب المقارنة.
وتنوّعت وقفات الطاهر مكّيِ الأدبية والنقدية في
دراساته، وامتدت إلى أسبانيا والتراث العربي والإعلام في الغرب والحداثيين شرقًا
وغربًا، بدءًا بامرئ القيس ثم الأدب الأندلس والآداب المقارنة ومرورًا ببابلو
نيرودا والشعر العربي المعاصر والقصة القصيرة الحديثة.... حيث أثرت هذه الدراسات
معالم الحياة الأدبية الفكرية العربية، وقدّمت نموذجًا جادًا للنقد الأدبي
المستنير، وللبحث العلمي المتأني العميق، بعيدًا عن الاستعجال والسطحية والإدعاءات
التي نراها في كثير من نقد هذه الأيام.
ولمكانة
الطاهر مكّيِ الفكرية والأدبية فقد اخترت دراساته في الأدب المقارن وترجماته أيضًا
في هذا الحقل لتدريسها لطلبة الجامعة في أكثر من جامعة عربية، وذلك لعلمه الغزير وفكره
المتزن ورؤيته الفلسفية في تبادل الثقافات والمعارف قديمًا وحديثًا، هذا التبادل
المتواصل الذي يرتقي بالفكر الإنساني الذي
يصنع حضارة متكاملة ومتواصلة، لا حضارات متصارعة ومتصادمة كما نراها اليوم.
وسيظل الطاهر
مكّيِ رمزًا وقدوة عند من نهلوا العلم على يديه أو عند قرّائه في أرجاء هذا الوطن
الكبير، وسيظل دافعًا لكل ناقد جاد أصيل أو مبدع متمكن بحثّه ليمضي بإبداعه أو
نقده أو بحثه بشكل مستنير وراق ومسؤول حتى تتوالد الأجيال الكبيرة وتتجدد، لكي
نقول سيكوت لدينا أمثال طه حسين وشكري عياد وعز الدين إسماعيل وسهير القلماوي
والطاهر مكّي وغيرهم من العلامات الحاضرة في مسيرة الفكر العربي والأدب العربي
والانتماء العربي.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك