اسمه الطاهر أحمد مكي محمد سلطان، ولد في شهر أبريل سنة 1924م،
(وهو الشهر الذي مات فيه سنة 2017م)، وكان مولده في قرية المطاعنة التابعة لمركز
إسنا بمحافظة قنا.
حصل –
رحمه الله – على ليسانس دار العلوم الممتازة، في جامعة القاهرة سنة 1952م، ثم حصل
على دبلوم الدراسات العليا للمعلمين عام 1956م، وحصل على درجة دكتوراه الدولة في
الأدب والفلسفة من كليه الآداب، الجامعة المركزية، بمدريد – الإسبانية عام 1961م.
عمل مدرساً
بوزارة التربية والتعليم حتى عام 1956م. ثم كان ضمن أعضاء بعثة وزارة التربية
والتعليم للحصول على الدكتوراه من إسبانيا حتى عام 1961م.
ثم عمل أستاذا
منتدبا من وزارة التعليم العالي لتدريس الأدب العربي والحضارة الإسلامية في جامعتي
كولومبيا الوطنية والجزويت باللغة الإسبانية في كولومبيا حتى عام 1964م. ثم مدرسا ثم
أستاذاً بكلية دار العلوم جامعة القاهرة منذ عام 1964م حتى تاريخ وفاته رحمه الله.
ومن
الوظائف التي تقلدها بالجامعة: رئاسة قسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم حتى
عام 1984م، ثم وكالة الكلية للدراسات العليا والبحوث حتى عام 1989م.
أما عن
إنتاجه العلمي فقد توزع بين التأليف والترجمة والتحقيق، وهي أكثر مما يُحصى في مثل
هذه المقالة؛ فقد كان الطاهر مكي عالماً موسوعياً بمعنى الكلمة، وربما استعير كلمة
له قالها في لقاء خاص مع مجلة العربي، إذ يقول عن نفسه: "أما أنا فرجل كما
يقال حاطب ليل، أترجم، وأكتب في الأدب، والسياسة، وكل ما يرد بخاطري، لدي كتاب في
الأدب الجاهلي بعنوان: (امرؤ القيس حياته وشعره) يعده الناس جميعاً كتاباً لا شبيه
له. وكتاب بعنوان: (دراسة في مصادر الأدب) يُطبع كل عام، وتجاوز الطبعة الخامسة
عشرة. ولدي كتاب: (الأدب المقارن أصوله وتطوره ومناهجه) وهو كتاب لا مثيل له – من
غير زهو – وقد استغرق مني وقتاً فظيعاً، ولن يأتي مثله قبل سنوات. فأنا أكتب في
الأدب المقارن، والأدب الأندلسي، والأدب الجاهلي، وكل ما هو متاح ما دام الوقت
يسمح".
وفي آخر
حياته أراد ألا يفوته شيء في العلم، فاقتنى حاسوباً وأخذ يتابع الحيوات الافتراضية
والثقافية على الشبكة، وكتب مقالاً ليكون مساهمة في مجلات حوسبة اللغة، عنوانه
(اللّغة العربيّة وتكنولوجيا القرن الواحد والعشرين)، نُشر في مجلة الرقيم عام
2012م، قال في آخره: "العربيّة الآن في حاجة إلى علماء جدد لعصر جديد، ومطلوب
من جامعاتنا ومراكز البحوث عندنا ألا تتجاهل ثورة علوم اللّسانيات التي تحرّك
العالم، وتتقدّم في سرعة، والعالم يلهث وراءها منذ منتصف القرن الماضي.
وأتجه
بفكري إلى جامعة القاهرة متطلعاً إلى كليتين عريقتين لهما تاريخ مجيد: دار العلوم
والهندسة في عمل مشترك يخطط أوّلا لهذا الأمر: الحاسب واللغة العربية على أن تدعم
الدولة والجامعة هذا الأمر مادياً ومعنوياً، ..." ثم ختم مقالته بقوله:
"أتمنّى وفي هذه المرحلة من العمر لا أملك لقومي ووطني ومعهدي غير
التمني!"
أما عن
إشرافه على الرسائل العلمية فقد أشرف على أكثر من مائة رسالة ماجستير ودكتوراه في
الجامعات المصرية، وناقش المئات من الرسائل في مصر والوطن العربي، وتناولت إنتاجه
النقدي والأدبي أكثر من خمس رسائل علمية، وألفت عنه أربعة كتب منشورة.
أما عن
مشاركاته في الأنشطة الثقافية العامة والرسمية فقد كان عضوا بمجمع اللغة العربية
بالقاهرة، وعضو المجلس القومي للثقافة والفنون والآداب والإعلام. وعضو مجلس إدارة
دار الكتب والوثائق القومية. ورئيس جماعة دار العلوم (تأسست 1934). ورئيس تحرير
مجلة أدب ونقد ، من عام 1981 إلى عام 1985. و رئيس تحرير صحيفة دار العلوم من عام
1981 حتى وفاته.
أما عن
الجوائز التي حصل عليها رحمه الله، فمنها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي،
عام 1990م. - جائزة الدولة التقديرية لعام 1992م. - وسام العلوم والفنون من الطبقة
الأولى ( للمرة الثانية ) عام 1992م. - جائزة التميز من جامعة القاهرة عام 2009م (وهي
أعلى جائزة تمنحها الجامعة).
ومن جانب آخر فقد كان للطاهر مكي الفضل في
إنشاء فرع جامعة أسيوط بقنا، ثم جاهد رحمه الله ليستقل الفرع ويصبح جامعة، وقد
تحقق له ذلك ليكون له الفضل على كل أهل الصعيد الأعلى (قنا، والبحر الأحمر، والأقصر،
وأسوان).
أما عن
الجانب الإنساني فقد كان رحمه الله نعم الإنسان مع تلاميذه ومع زملائه ومع كل من
عرفه، ولم أر أحداً يتحدث عنه إلا بخير، وإذا تصفحت ذكريات تلاميذه ومن التقوا به،
لوجدت هذا التعبير يتردد عندهم جميعا إذ يتذكرون رده على أي منهم بقوله اللطيف
الطيب: (حاضر يا ولدي...)، وإذا زرته في بيته بوصفك طالباً أو ضيفاً ترى منه العجب
في الترحاب وخدمة الضيف، فأول ما يقوم به إذا جلست في بيته - وسنه يقترب من التسعين
- يهرول ليقدم لك واجب الضيافة بنفسه... وإذا انصرفت من عنده لا يتركك إلا إذا أُغلق
باب المصعد (الأسانسير)، فقد كان رجلا كريما محباً لتلاميذه وأهله/ أهل الصعيد
جميعاً، وكانت له في نفوسنا - على الرغم من لطفه معنا - مهابة خاصة، فلم أستطع - أنا
مثلاً - محادثته في الهاتف وأنا جالس أبدا، فقد كنت أقف بغير إرادة مِنّي، والغريب
أنني سمعت مثل هذا من أكثر تلاميذه ...
ويبدو
أن الطاهر مكي كان يشعر باقتراب أجله؛ فلهذا حول بيته في بلدته (الغريرة
بالمطاعنة) إلى ديوان للعائلة، وكُتّاب لتحفيظ القرآن الكريم، وقد أعدّ الدور
الثاني من الديوان ليكون مكتبة عامة لأبناء قريته، تُنقل إليها مكتبته الخاصة بعد
وفاته، وقد قرر أهله إضافة إلى ما أوصى به هو (عليه رحمة الله)، عمل جائزة باسمه لحفظة
القرآن الكريم، وعمل جائزة بحثية أخرى لأحسن عمل أدبي أو أحسن عمل نقدي أو أحسن
رسالة ماجستير أو دكتوراه بوديعة من ماله الخاص (عليه رحمة الله تعالى).
د. محمود النوبي أحمد
أستاذ الأدب العربي والنقد الأدبي المساعد
بكلية الآداب بقنا
جامعة جنوب الوادي
Mgelany2000@yahoo.com