إلى الأخ
العلامة د. الطاهر أحمد مكي
أخي حقه مني المودة والبر
|
|
فقد ضمنا درب طويل هو العمر
|
مشينا به نطوي الليالي مراحلا
|
|
يؤرقنا ليل ويسعدنا فجر
|
وما العمر إلا مورد من معينه
|
|
نعب كئوسا ملؤها الحلو والمر
|
كذاك هي الدنيا ابتلينا بها معًا
|
|
فما ضرنا بأس. ولا غرنا وفر
|
وعشنا رجالاً يحضن النور قلبنا
|
|
وسرنا فلا بحر يعوق ولا بر
|
لنا غاية نبني لمصر رجالها
|
|
وها نحن أدينا الأمانة يا مصر
|
إلى الأفق الأسنى دعاه نبوغه
|
|
وطافت تحيي ركبه الأنجم الزهر
|
وعز به في الخالدين مكانه
|
|
وأي مكان حل فيه له الفخر
|
فمن شفتيه كم أضاءت مسالك
|
|
تهدي بها الساري إذا احتجب البدر
|
وكم أطلعت كفاه صبحا لقارئ
|
|
إذا فاته سفر أضاء له سفر
|
سيبقى على وجه الزمان عطاؤه
|
|
ويروي علاه الدهر ما بقى الدهر
|
وأي عطاء ناله دون بذله
|
|
وهل لشموس العلم في أفقنا أجْرَ؟
|
****
|
||
أخي قد قضينا العمر جهلا وغفلة
|
|
وسرنا سكارى في الحياة ولا خمر
|
حيارى فما ندري صواب طريقنا
|
|
إذا ما سلكناه أم التيه والقفر
|
عرفنا الحياة الحق بذلا وعزة
|
|
وإن آدنا عبء وإن ساءنا فقر
|
وقلنا سنحيا للمبادئ حسبنا
|
|
رضا الله لا مال يهم ولا وفر
|
فهل نحن كنا واهمين يقودنا
|
|
سراب هو الإخلاص والبذل والخير
|
ويعبث بالأقدار عصر يسوده
|
|
جهول وأفّاق وفَدْم ومغتّر
|
****
|
||
أخي أيها القديس في معبد العلا
|
|
ترانيمك الحرمان والضيق والعسر
|
أضعت الشباب النضر بحثا ودقة
|
|
وضيعني التدريس والشرح والشعر
|
تركنا ملذات الحياة لغيرنا
|
|
وقلنا ربحنا الفضل هل ربحنا خسر؟!
|
لنا من عطاياها المعارف جمة
|
|
وللغير منها المال والبيض والسمر
|
نراها فنغضي عفة وتأبيا
|
|
وفي قلبنا نار وفي صدرنا جمر
|
ويبلغ منها غيرنا ما يريده
|
|
فلا شاقه نبل ولا عاقه طهر
|
وكل ملذات الحياة مباحة
|
|
إذا رامها اثنان الملاعب والقهر
|
فلو أن لي بالرأس رجلاً لنالني
|
|
من الخير ما لم يؤته العلم والفكر
|
فقم وانظر الأحلام (كانت) وأفتني
|
|
ترانا ربحنا العمر أم غالنا العمر
|
****